كافور الإخشيدي: الحاكم الذي صعد من العبودية إلى حكم مصر

المقدمة

يُعد كافور الإخشيدي واحدًا من أبرز حكام مصر في العصر الإسلامي، حيث انتقل من كونه عبدًا إلى أن أصبح حاكمًا قويًا استطاع إدارة شؤون الدولة بذكاء وحكمة. تولى حكم مصر والشام بعد وفاة محمد بن طغج الإخشيدي، مؤسس الدولة الإخشيدية، واستمر في الحكم لمدة 22 عامًا (946-968م). كان سياسيًا بارعًا، لكنه اشتهر أيضًا في الأدب العربي، إذ هجاه الشاعر المتنبي في قصائد مشهورة.


1. نشأته وحياته المبكرة

  • وُلِد كافور في إثيوبيا حوالي عام 905م، وكان عبدًا أسود البشرة، اشتُري في سوق النخاسة وتم جلبه إلى مصر.
  • اشتراه محمد بن طغج الإخشيدي، حاكم مصر آنذاك، لكنه أدرك ذكاء كافور وقدرته على الإدارة والسياسة، فقرّبه منه وأعتقه، وجعله واحدًا من أبرز قواده ومستشاريه.
  • بفضل حنكته، استطاع الصعود في المناصب حتى أصبح وصيًا على العرش بعد وفاة الإخشيد.

2. وصوله إلى الحكم

  • بعد وفاة محمد بن طغج الإخشيدي عام 946م، كان الوريث الشرعي هو ابنه أنوجور بن الإخشيد، لكنه كان صغير السن، فتولى كافور الإخشيدي الوصاية عليه.
  • بعد وفاة أنوجور، استمر كافور في السيطرة على الحكم، ونجح في تثبيت سلطته رغم محاولات العباسيين والفاطميين لاستعادة مصر.
  • عام 966م، أصبح الحاكم الفعلي لمصر بعد أن حكم باسم الأسرة الإخشيدية لأكثر من 20 عامًا.

3. إنجازاته في الحكم

أ- الاستقرار السياسي والعسكري

  • استطاع كافور التصدي لمحاولات الفاطميين غزو مصر، مما حافظ على استقلالها لفترة طويلة.
  • أقام تحالفات سياسية مع الخلافة العباسية في بغداد، ما جعله يحصل على اعتراف رسمي بحكمه.
  • نجح في فرض السيطرة على الشام، مما عزز قوة الدولة الإخشيدية.

ب- الإصلاحات الاقتصادية

  • كان حريصًا على تحسين الأوضاع الاقتصادية، فقام بتطوير الضرائب بطريقة عادلة، مما ساعد في استقرار الوضع المالي للدولة.
  • دعم الزراعة والتجارة، وجعل مصر مركزًا تجاريًا هامًا في المنطقة.

ج- رعايته للعلم والثقافة

  • كان كافور راعيًا للعلم والعلماء، واستقبل العديد من الأدباء والشعراء في بلاطه، رغم هجاء المتنبي له لاحقًا.
  • حافظ على ازدهار القاهرة والفسطاط كمراكز ثقافية مهمة.

4. هجاء المتنبي لكافور الإخشيدي

  • كان الشاعر المتنبي يأمل في أن يحصل على منصب رفيع في بلاط كافور، لكن ذلك لم يحدث، مما جعله يشعر بالإهانة.
  • بعد مغادرته مصر، كتب قصائد هجاء حادة ضد كافور، وصفه فيها بأنه عبدٌ لا يستحق الحكم، وانتقد لونه الأسود وأصوله.
  • رغم قسوة هجاء المتنبي، لم يتأثر حكم كافور، واستمر في إدارة الدولة بمهارة.

5. وفاته ونهاية حكمه

  • توفي كافور الإخشيدي عام 968م بعد 22 عامًا من الحكم.
  • بعد وفاته، ضعفت الدولة الإخشيدية، ولم يتمكن خلفاؤه من الحفاظ على الحكم.
  • في 969م، استغل الفاطميون الفرصة، وقاموا بغزو مصر، وسقطت الدولة الإخشيدية، ليبدأ عصر الدولة الفاطمية.

6. الخاتمة

كان كافور الإخشيدي نموذجًا للحاكم الذي استطاع الصعود من العبودية إلى الحكم بفضل ذكائه وحنكته السياسية. رغم الانتقادات التي واجهها، خاصة من المتنبي، إلا أنه كان قائدًا قويًا حافظ على استقلال مصر، وترك بصمة مهمة في تاريخها.

اترك تعليقاً 0

Your email address will not be published. Required fields are marked *


Free counters!