أحمد بن طولون: مؤسس الدولة الطولونية في مصر

المقدمة

يعد أحمد بن طولون واحدًا من أبرز القادة الذين أسسوا حكمًا مستقلًا في مصر خلال العصر العباسي. كان واليًا عباسيًا، لكنه استطاع تأسيس أول دولة مستقلة في مصر تحت حكمه، وهي الدولة الطولونية، التي استمرت بين عامي 868 و905م. اشتهر بحكمه العادل، وبناء المنشآت العمرانية مثل مسجد أحمد بن طولون، إضافةً إلى جهوده في تطوير الإدارة والاقتصاد في مصر.


1. نسبه ونشأته

  • وُلِد أحمد بن طولون في بغداد عام 835م، وكان من أصول تركية، حيث كان والده أحد الجنود الأتراك الذين جُلبوا للخدمة في الجيش العباسي.
  • نشأ في بيئة عسكرية، وتلقى تعليمه في العسكرية والإدارة، ما أهّله لتولي المناصب القيادية لاحقًا.
  • بدأ حياته المهنية في خدمة الخليفة العباسي المتوكل، حيث أظهر مهارات عسكرية وإدارية مميزة.

2. تعيينه واليًا على مصر

  • في عام 868م، عيّن الخليفة العباسي المهتدي بالله والده طولون حاكمًا على مصر، لكنه لم يذهب إليها وأرسل ابنه أحمد بدلًا منه.
  • عند وصوله إلى الفسطاط (عاصمة مصر آنذاك)، بدأ أحمد بن طولون في تعزيز سلطته، فضم ولاية الشام إلى حكمه، وبدأ في إنشاء جيش مستقل عن العباسيين.

3. تأسيس الدولة الطولونية (868-905م)

  • رغم أنه كان واليًا تابعًا للخلافة العباسية، إلا أنه بدأ يحكم مصر حكمًا شبه مستقل عن العباسيين، مستفيدًا من ضعف الخلافة آنذاك.
  • عزز سيطرته عبر بناء جيش قوي من الأتراك والمماليك، وفرض الضرائب بشكل عادل، ما ساعد على ازدهار الاقتصاد المصري.
  • في 877م، تمكن من السيطرة الكاملة على مصر، وأعلن استقلاله الفعلي عن الخلافة العباسية، مما جعله مؤسس أول دولة مستقلة في مصر الإسلامية.

4. إنجازاته

أ- الإصلاحات الاقتصادية والإدارية

  • أعاد تنظيم الإدارة المصرية، فعيّن مسؤولين أكفاء، وسعى إلى تحسين الزراعة والتجارة.
  • أنشأ بيت المال لإدارة أموال الدولة بشكل أفضل.
  • أنشأ مخازن الغلال لحماية المصريين من المجاعات.

ب- العمارة والبناء

  • مسجد أحمد بن طولون: من أهم إنجازاته المعمارية، وهو أحد أقدم المساجد في مصر الذي لا يزال قائمًا حتى اليوم، بُني بأسلوب معماري فريد تأثر بالتصاميم العباسية.
  • القطائع: أسس مدينة القطائع، التي أصبحت عاصمة الدولة الطولونية، وضمت القصر الطولوني، والمساجد، والأسواق.

ج- الاهتمام بالجيش

  • أنشأ جيشًا قويًا لحماية الدولة، يتكون من الجنود الأتراك والمصريين.
  • توسع في الشام، مما عزز قوته الإقليمية.

5. وفاته ونهاية الدولة الطولونية

  • توفي أحمد بن طولون عام 884م بعد حكم دام 16 عامًا، تاركًا وراءه دولة مزدهرة.
  • بعد وفاته، تولى ابنه خمارويه الحكم، لكنه لم يكن بنفس كفاءة والده، ما أدى إلى ضعف الدولة وسقوطها عام 905م بعد عودة السيطرة العباسية.

6. الخاتمة

كان أحمد بن طولون شخصية استثنائية في التاريخ الإسلامي، إذ نجح في تحقيق الاستقلال السياسي والاقتصادي لمصر لأول مرة بعد قرون من التبعية للخلافة الإسلامية. ترك إرثًا عظيمًا يتمثل في إنجازاته الإدارية والعمرانية، ولا يزال مسجد أحمد بن طولون شاهدًا على عصره الذهبي حتى اليوم.

اترك تعليقاً 0

Your email address will not be published. Required fields are marked *


Free counters!