طومان باي: آخر سلاطين المماليك في مصر

يعتبر طومان باي آخر سلاطين المماليك في مصر، وقد عُرف بشجاعته ووفائه لوطنه في أوقات عصيبة. ورغم أن حكمه لم يستمر طويلًا، إلا أن مسيرته العسكرية وشجاعته في مواجهة الغزو العثماني جعلته واحدًا من أبرز الشخصيات في تاريخ مصر، خصوصًا في تلك الفترة الحرجة التي شهدت نهاية الدولة المملوكية وبداية العهد العثماني.
نشأته وصعوده إلى السلطة
وُلد طومان باي في بداية القرن الـ16 في أسرة مملوكية. كان من أصل تركي، وبدأ حياته العسكرية في صفوف الجيش المملوكي. تميز بمهاراته العسكرية وشجاعته في المعارك، وأصبح من أبرز قادة الجيش في عهد السلطان قنصوة الغوري. عندما قُتل الغوري في معركة مرج دابق عام 1516 على يد الجيش العثماني بقيادة السلطان سليم الأول، أصبح طومان باي أحد القادة العسكريين المماليك البارزين.
بعد الهزيمة المملوكية في مرج دابق، تولى طومان باي العرش في عام 1517، حيث أصبح آخر سلطان مملوكي يحكم مصر. وكان توليه السلطة في وقت بالغ الحساسية، حيث كانت البلاد على وشك السقوط تحت الاحتلال العثماني.
حكمه والصراع مع العثمانيين
بعد توليه الحكم، حاول طومان باي بكل ما أوتي من قوة الحفاظ على استقلال مصر ومواجهة التهديد العثماني. ورغم قلة الموارد والمساندة، إلا أنه قاد مقاومة عنيفة ضد العثمانيين. وواصل جمع القوات وشن الهجمات على الجيش العثماني الذي كان يواصل زحفه نحو مصر. ولكن، في ظل ضعف قواته، لم يكن طومان باي قادرًا على مواجهة التقدم العثماني المتسارع.
السقوط في يد العثمانيين
في عام 1517، بعد معركة حاسمة، دخل الجيش العثماني بقيادة السلطان سليم الأول إلى مصر. ورغم المقاومة الشرسة التي أبداها طومان باي، إلا أن الجيش العثماني تمكن من هزيمة المماليك، ودخلوا القاهرة. قام العثمانيون بتتويج مصر كإقليم تابع للإمبراطورية العثمانية، وأصبح طومان باي آخر سلطان مملوكي يعقد له التتويج في القاهرة.
إعدام طومان باي
على الرغم من استسلام طومان باي في البداية، إلا أن العثمانيين لم يثقوا به. تم القبض عليه بعد فترة قصيرة من دخول العثمانيين إلى القاهرة، وتمت محاكمته بتهم من بينها الخيانة، ثم أُعدم في 13 إبريل 1517. وتُعد وفاته واحدة من أبرز الأحداث المؤلمة في تاريخ مصر، حيث قوبل إعدامه باحتجاجات شديدة من الشعب المملوكي، الذين رأوا فيه رمزًا للمقاومة الوطنية.
إرث طومان باي
تظل شخصية طومان باي خالدة في الذاكرة التاريخية المصرية. ورغم أن حكمه لم يدم طويلًا، فقد أظهر شجاعة نادرة في مقاومة الاحتلال العثماني. وبعد إعدامه، أصبح طومان باي رمزًا للبطولة والوفاء، وكان آخر من حاول الحفاظ على استقلال مصر من المماليك.
وقد أُدرجت قصة طومان باي في الأدب والتاريخ المصري باعتباره أحد الأبطال الوطنيين الذين قاوموا القوى الخارجية، وما زالت سيرة حياته تدرس كدليل على الولاء للوطن في مواجهة التحديات العظيمة.