فايق عزب: فنان من زمن الفن الجميل وبصمة لا تمحى من الذاكرة

في ذاكرة الفن المصري والعربي، تظل أسماء بعينها محفورة بعمق، لا تُنسى ولا تغيب مهما طال الزمن. ومن بين هذه الأسماء يسطع نجم الفنان الراحل فايق عزب، الرجل الذي أحب التمثيل بصدق، وأعطى الفن عمره كله، فاستحق أن يُخلّد في ذاكرة المشاهدين.
البداية والرحلة
وُلد فايق عزب في 6 سبتمبر عام 1943 بمدينة الإسماعيلية، وبدأ شغفه بالتمثيل منذ أيام دراسته، حيث شارك في المسرح المدرسي، ثم التحق بجامعة القاهرة، وهناك ترأس فريق التمثيل بالجامعة، وبدأ يشق طريقه بثقة نحو الاحتراف. ورغم أنه لم يكن من نجوم الصف الأول، إلا أن موهبته وقدرته على التلون جعلت له مكانة مميزة لا ينافسه فيها أحد.
مسيرة فنية حافلة
شارك فايق عزب في مئات الأعمال الفنية، سواء في المسرح أو السينما أو الدراما التلفزيونية، وتميز بأدائه العفوي والصادق الذي يصل مباشرة إلى قلب المشاهد. أتقن أدوار الشر والخير، الكوميديا والتراجيديا، ونجح في أن يكون “الجوكر” الذي يُكمل أي عمل فني يشارك فيه.
من أشهر أعماله:
- في السينما: الجزيرة، حنفي الأبهة، الكيف، أيام السادات، أفريكانو، وعبود على الحدود.
- في التلفزيون: ليالي الحلمية، المال والبنون، رحيم، سلسال الدم، والعصيان.
مدرسة في التمثيل
كان فايق عزب مدرسة في الأداء الطبيعي والبسيط. لم يكن يسعى إلى البطولة المطلقة، بل كان يفتخر بكونه ممثلًا يكمّل البناء الفني، ويمنح الشخصية التي يلعبها روحًا خاصة لا تتكرر. صوته المميز، وحضوره الآسر، جعلاه من أكثر الوجوه المحبوبة والراسخة في الذاكرة البصرية للمشاهد العربي.
الرحيل المؤلم
في نوفمبر 2020، رحل فايق عزب عن عالمنا بعد صراع مع المرض، حيث أُصيب بفيروس كورونا ومرض نادر يُدعى “مارسا”. وقد كان لرحيله وقعٌ أليم على الوسط الفني والجمهور، لما كان يتمتع به من سمعة طيبة وأخلاق رفيعة.
نعاه الكثير من النجوم بكلمات مؤثرة، وأجمعت تصريحاتهم على أنه كان فنانًا وإنسانًا نقيًا، محبًا للخير، متواضعًا، وعاشقًا لفنه حتى آخر لحظة.
إرث لا يموت
رغم رحيله، يظل فايق عزب حيًا في وجدان عشاق الفن. إرثه الفني الغني، وأدواره التي تلامس القلب، ستظل تُعرض على الشاشات وتذكرنا دومًا بأن الفن الحقيقي لا يموت. لقد غادر الجسد، لكن روحه باقية بيننا، تبتسم في كل مشهد وتؤثر في كل قلب.
وداعًا فايق عزب… الفنان الذي لم يكن بطلًا واحدًا، بل كان ألف بطل في شخصية واحدة.